ما هو اتفاق "فض الاشتباك" بين سوريا وإسرائيل؟

نشر
آخر تحديث
AFP

استمع للمقال
Play

يمثل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الأحد 8 ديسمبر/ كانون الأول، عن انهيار اتفاق "فض الاشتباك" للعام 1974 مع سوريا تصعيداً خطيراً في منطقة الجولان؛ حيث أمر الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على المنطقة العازلة التي كانت خاضعة لمراقبة قوات الأمم المتحدة.

هذا الإعلان جاء في أعقاب تغييرات سياسية وعسكرية كبرى في سوريا، مع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما اعتبرته إسرائيل فرصة لإعادة ترتيب المعادلة الأمنية في المنطقة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.

يُعد هذا التحرك الإسرائيلي تطورًا بالغ الحساسية، إذ إن المنطقة العازلة كانت تمثل لعقود طويلة ضمانة لعدم التصعيد بين الجانبين بموجب الاتفاق الموقع تحت رعاية دولية. 

ومع انهيار الاتفاق، تصاعدت المخاوف من تحول هذه المنطقة إلى ساحة مواجهة مفتوحة، خاصة في ظل الأوضاع المضطربة داخل سوريا وتداخل مصالح أطراف إقليمية ودولية في الصراع.

تبع القرار إدانات واسعة فيما دانت أطراف مختلفة، بما في ذلك الجامعة العربية التي دانت اعتبار إسرائيل اتفاق فض الاشتباك منتهيا للاستفادة من الوضع بسوريا، ودعت إلى دعم الشعب السوري لتخطي هذه الفترة الانتقالية المليئة بالتحديات.



تبرير إسرائيلي

فيما أبلغت إسرائيل مجلس الأمن الدولي، الاثنين9 ديسمبر كانون الأول،  بأنها اتخذت "إجراءات محدودة ومؤقتة" في القطاع منزوع السلاح على الحدود مع سوريا لمواجهة أي تهديد، ولا سيما لسكان هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي "مع ذلك، من المهم أن نؤكد أن إسرائيل لا تتدخل في الصراع الدائر بين الجماعات المسلحة السورية. عملياتنا تركز فقط على حماية أمننا"..  وأضاف أن إسرائيل ما زالت ملتزمة بإطار اتفاق فض الاشتباك المبرم في العام 1974.

لكن مراقبين يرون أن قرار السيطرة على المنطقة العازلة يعكس تحولًا في سياسة إسرائيل تجاه الجولان، حيث تسعى لتعزيز نفوذها العسكري والسياسي في المنطقة مستغلة غياب الدولة السورية، ورغم أن إسرائيل تبرر خطوتها بالحفاظ على أمنها القومي، فإن هذا القرار يثير تساؤلات حول تداعياته على مستقبل السلام في المنطقة وعلى الدور الذي ستلعبه الأمم المتحدة في ظل تغييبها فعليًا عن معادلة السيطرة الميدانية.

المنطقة العازلة

على مدى عقود طويلة، ظلت المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل تجسيداً لتوازن دقيق بين خصمين تاريخيين، وهي المنطقة التي يعود تأسيسها إلى محطات فارقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث مثلت محاولة لاحتواء التوترات المتكررة بعد سلسلة من المعارك التي رسمت معالم الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.

تشكلت تلك المنطقة نتيجة لاتفاقات دولية بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 بهدف منع أي تصعيد عسكري مباشر.

نتيجة لذلك، تم توقيع اتفاق فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل في 31 مايو/ آيار 1974، برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.  وقد شكل هذا الاتفاق نقطة تحول في منطقة ملتهبة؛ إذ رسم معالم المنطقة العازلة وحدد قواعد التماس بين الطرفين.

بموجب هذا الاتفاق، يجرى الفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية، من خلال منطقة عازلة تخلو من القوات العسكرية. على أن تقع القوات السورية في المناطق الشرقية من الجولان، بينما تسيطر القوات الإسرائيلية على المناطق الغربية.

وتقوم قوة الإندوف التابعة للأمم المتحدة وكعنصر أساسي في تنفيذ الاتفاق، بدوريات منتظمة وترفع تقارير إلى مجلس الأمن لضمان الالتزام به.


خريطة المنطقة العازلة، وفق UNDOF


إدارة الصراع

لم يكن إنشاء هذه المنطقة العازلة مجرد إجراء عسكري؛ بل كان انعكاسًا لمحاولة إدارة الصراع بدلاً من حله، ذلك أن الاتفاق حدد وجود مناطق منفصلة للقوات على جانبي المنطقة العازلة، مع التزام الطرفين بعدم اتخاذ أي خطوات عدائية.

ومع ذلك، ورغم الجهود الدولية، ظلت المنطقة العازلة عرضة للتوترات، حيث إن الأبعاد الجيوسياسية كانت تلقي بظلالها دائمًا، بما في ذلك خلال سنوات الحرب في سوريا منذ العام 2011، حيث شهدت المناطق المحيطة بالمنطقة العازلة تحديات غير مسبوقة، وتدخل إسرائيل أحياناً  سواء عبر استهداف مواقع داخل سوريا أو تعزيز وجودها العسكري على الخط المباشر.

على الجانب الآخر، مثلت هذه المنطقة العازلة ورقة ضغط بالنسبة لسوريا، التي طالما أكدت أن عودة الجولان بالكامل شرط أساسي لأي اتفاق سلام مع إسرائيل. وبمرور الوقت، ومع استعادة الجيش السوري السيطرة على المناطق المحيطة بالمنطقة العازلة في عام 2018 بدعم روسي بعد أن كان قد فقد مساحات شاسعة من البلاد سيطرت عليها المعارضة، بدا أن توازن القوى قد عاد نسبياً، وإن كان هشاً.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة