شهدت الصين تراجعاً غير مسبوق في عدد الزيجات العام الماضي، حيث انخفضت بنسبة 20%، وهو أكبر انخفاض مسجل على الإطلاق، رغم الجهود المكثفة التي تبذلها السلطات لحث الشباب على الزواج وتأسيس أسر في محاولة لمواجهة تراجع عدد السكان.
ويرجع عزوف الشباب عن الزواج وتكوين الأسر إلى التكاليف المرتفعة لرعاية الأطفال والتعليم، وهي مشكلة طالما شكلت تحدياً في الصين. كما أن تباطؤ النمو الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة زاد من صعوبة حصول خريجي الجامعات على وظائف، في حين يشعر من لديهم وظائف بعدم الاستقرار بشأن مستقبلهم المهني.
وأظهرت بيانات وزارة الشؤون المدنية الصينية أن عدد الأزواج الذين سجلوا زيجاتهم العام الماضي بلغ 6.1 مليون زوج فقط، مقارنة بـ 7.68 مليون زوج في العام السابق، ما يعكس انخفاضاً حاداً في معدلات الزواج، بحسب رويترز.
وصف عالم الديموغرافيا، يي فوشيان، من جامعة ويسكونسن-ماديسون، هذا التراجع بأنه "غير مسبوق"، مشيراً إلى أنه حتى خلال عام 2020، في ذروة جائحة كوفيد-19، لم يتجاوز الانخفاض 12.2%. وأضاف أن عدد الزيجات المسجلة في الصين العام الماضي كان أقل من نصف المعدل المسجل في عام 2013، عندما بلغ 13.47 مليون زواج.
حذر عالم الديموغرافيا، يي فوشيان، من أن استمرار تراجع معدلات الزواج والمواليد قد يؤدي إلى تقويض الطموحات السياسية والاقتصادية للحكومة الصينية، واصفاً التحدي الديموغرافي بأنه "كعب أخيل" للصين.
وتسعى السلطات الصينية جاهدة لتعزيز الاهتمام بالزواج والإنجاب، حيث تواجه البلاد تحدياً ديموغرافياً متزايداً مع شيخوخة سكانية سريعة. وعلى الرغم من أن الصين لا تزال ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، الذي يبلغ 1.4 مليار نسمة، فإن معدل المواليد فيها تراجع لعقود، نتيجة سياسة الطفل الواحد التي استمرت من 1980 إلى 2015، إلى جانب تسارع وتيرة التحضر.
وفي العقد المقبل، من المتوقع أن يدخل نحو 300 مليون صيني –أي ما يعادل تقريباً عدد سكان الولايات المتحدة– سن التقاعد، مما يزيد من الضغوط على سوق العمل ونظام الرعاية الاجتماعية.
اتخذت السلطات الصينية العام الماضي عدة تدابير لمواجهة انخفاض معدلات الزواج والمواليد، من بينها دعوة الجامعات والكليات إلى تقديم برامج "تثقيف حول الحب"، تهدف إلى تعزيز نظرة إيجابية تجاه الزواج والإنجاب والأسرة.
وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي، وجه مجلس الدولة الصيني الحكومات المحلية إلى تخصيص موارد لمعالجة الأزمة السكانية، والترويج لقيم الزواج والإنجاب في "السن المناسب"، في محاولة لتعزيز الاهتمام بتكوين الأسر وسط تراجع متزايد في عدد المواليد.
شهدت الصين العام الماضي ارتفاعاً طفيفاً في معدلات الولادة، بعد التراجع الذي حدث خلال جائحة كورونا، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن عام 2024 كان "عام التنين" وفقاً للتقويم الصيني، حيث يُعتقد أن المواليد في هذا العام سيكونون طموحين ومحظوظين.
شاهد أيضاً: للمرة الأولى من 17 عاماً.. تراجع أعداد المواليد في مصر إلى 1.96 مليون خلال 2024
ورغم هذا الارتفاع، إلا أن عدد السكان في الصين انخفض للعام الثالث على التوالي، ما يعكس استمرار الأزمة الديموغرافية التي تواجهها البلاد.
كما أظهرت البيانات أن أكثر من 2.6 مليون زوج تقدموا بطلبات الطلاق العام الماضي، بزيادة 1.1% مقارنة بعام 2023، مما يشير إلى تزايد التحديات الاجتماعية المرتبطة بالزواج والأسرة في الصين.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي
ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.