الصين تشدد قبضتها على التكنولوجيا والمعادن مع تصاعد الحرب التجارية

نشرالأحد، 16 فبراير 2025 | 6:54 صباحًا
آخر تحديث الأحد، 16 فبراير 2025 | 7:16 صباحًا
شركة CATL الصينية لتصنيع البطاريات/AFP

استمع للمقال
Play

تكثّف بكين جهودها للسيطرة على التكنولوجيا الصينية المتقدمة، ساعيةً إلى الإبقاء على المعرفة التقنية الحيوية داخل حدودها، في ظل تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وأوروبا.

ووفقًا لعدة مصادر صناعية وإشعارات صادرة عن الوزارات الصينية، اتخذت السلطات في الأشهر الأخيرة إجراءات صارمة جعلت من الصعب على بعض المهندسين والمعدات مغادرة البلاد، كما اقترحت ضوابط تصدير جديدة للحفاظ على التقنيات الأساسية للبطاريات، بالإضافة إلى فرض قيود على تصدير تقنيات معالجة المعادن الحيوية، وفقاً لصحيفة فاينانشال تايمز.

التعرفات الجمركية الأميركية

تأتي هذه التدابير في وقت فرض فيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تعرفات جمركية إضافية، إلى جانب الخلاف التجاري القائم مع أوروبا بشأن صناعة السيارات، مما قد يدفع المزيد من الشركات المحلية والأجنبية إلى نقل عمليات الإنتاج إلى مواقع أخرى.

من بين الشركات المتضررة «فوكسكون»، الشريك التصنيعي الرئيسي لشركة «آبل»، والتي تقود جهود وادي السيليكون في تنويع سلاسل التوريد نحو الهند.

وأفاد أشخاص مطّلعون على الأمر بأن المسؤولين الصينيين فرضوا قيوداً جعلت من الصعب على شركة «فوكسكون» التايوانية إرسال معدات ومديرين فنيين صينيين إلى الهند، حيث تسعى «آبل» إلى توسيع سلاسل إمدادها.

كما أكد مدير في شركة إلكترونيات تايوانية أخرى أنهم يواجهون تحديات مشابهة في إرسال بعض المعدات من الصين إلى مصانعهم في الهند، رغم استمرار الشحنات المتجهة إلى جنوب شرق آسيا بشكل طبيعي.

من جانبه، زعم مسؤول هندي أن الصين تستخدم التأخير الجمركي لعرقلة تدفق المكونات والمعدات المتجهة جنوباً. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «تم إبلاغ الشركات العاملة في سلسلة توريد الإلكترونيات بعدم إنشاء منشآت تصنيع وتجميع في الهند». وكانت منصة "ريست أوف وورلد" الإعلامية قد نشرت في وقت سابق تقريراً حول بعض المشكلات التي تواجهها «فوكسكون».

اقرأ أيضاً: للتعاون بمجال المركبات الكهربائية.. فوكسكون التايوانية تدرس الاستحواذ على حصة رينو في «نيسان»

يقول المحللون إن نهج بكين الناشئ يشبه القيود الغربية على نقل التكنولوجيا، والتي انتقدتها الصين مراراً باعتبارها غير عادلة. ويبدو أن هذه الضوابط غير الرسمية تستهدف بشكل خاص الهند، الخصم الجيوسياسي للصين، في حين تؤكد بعض المجموعات الصينية أن المشاريع في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط لا تزال غير متأثرة. ومع ذلك، تعمل بكين بشكل متزايد على فرض قيود تصدير رسمية على التقنيات الأساسية التي تنطبق على نطاق عالمي.

الدور المركزي للصين في سلاسل التوريد العالمية

وقال مستثمر في إحدى الشركات التي تواجه صعوبات في نقل بعض المهندسين الفنيين إلى الخارج إن سلسلة التوريد القوية والقوى العاملة الماهرة من بين المزايا القليلة التي لا تزال الصين تحتفظ بها اليوم، مضيفاً أنه لا ينبغي فقدان هذه المزايا لصالح دول أخرى.

واقترحت وزارة التجارة الصينية الشهر الماضي فرض قيود على تصدير التقنيات المتعلقة باستخراج الليثيوم وتصنيع المواد المتقدمة للبطاريات، وهما مجالان تتمتع فيهما الصين بموقع ريادي عالمي.

وقالت كبيرة المحللين في معهد ميركاتور للدراسات الصينية إن الصين تبني منظومة واسعة للتحكم في الصادرات، وتتعامل بانتقائية في اختيار التقنيات التي تفرض عليها قيوداً. وأكدت أن المسألة تتعلق جوهرياً بالحفاظ على الدور المركزي للصين في سلاسل التوريد العالمية.

وأوضحت أن بكين غالباً ما تستهدف المراحل العليا من سلاسل التوريد، حيث تتحكم المجموعات الصينية في المواد والعمليات التكنولوجية، بينما تترك المنتجات النهائية دون قيود.

وأشار خبير في شركة الاستشارات تريفيوم تشاينا إلى أن التدخلات التي اتخذتها بكين في سلسلة توريد البطاريات تمثل فئة جديدة من قيود التصدير.

اقرأ أيضاً: نورثفولت.. أمل صناعة البطاريات في أوروبا تكافح من أجل البقاء

إذا تم تبني هذه القيود بالكامل، فقد تمنع عمالقة صناعة البطاريات في الصين، الذين لديهم مصانع في أوروبا، من نقل سلسلة التوريد الخاصة بهم بالكامل إلى الخارج. ووفقاً لشخص مطلع على الأمر، قد تضطر مجموعات مثل «CATL» إلى الاستمرار في استيراد مواد البطاريات، مثل أقطاب فوسفات الحديد الليثيوم المتقدمة، من الصين بدلاً من إنتاجها أو شرائها محلياً.

وقد أدت الاختراقات التكنولوجية التي حققتها الصين في هذا المجال إلى صعود شركاتها العملاقة في صناعة البطاريات، مما أدى إلى إزاحة المجموعات الكورية الجنوبية واليابانية التي كانت تهيمن سابقاً على هذا القطاع.

وفي محاولة لتعويض هذا الفارق، بدأت الشركات الكورية في إقامة شراكات وشراء أقطاب فوسفات الحديد الليثيوم المتقدمة من الصين، التي أنتجت العام الماضي 99% من إجمالي المواد الفعالة، وفقًا لبيانات «Benchmark Mineral Intelligence».

لكن القيود الجديدة قد تهدد هذه الصفقات. وأكد متحدث باسم إحدى الشركات الكورية الرائدة في إنتاج البطاريات، التي طلبت عدم ذكر اسمها، أنهم نقلوا مخاوفهم إلى وزارة التجارة الصينية.

وقال المصدر: «لا يمكننا استبعاد بعض التأثيرات السلبية على شراكتنا مع الشركة الصينية إذا لم تأخذ التوجيهات بعين الاعتبار مخاوفنا».

من جانبه، صرّح رئيس أبحاث البطاريات في مجموعة «CRU»، سام أدهام، بأن الشركات الكورية تحتاج إلى التكنولوجيا الصينية المتقدمة، لكن في ظل قيود التصدير الجديدة، قد لا تتمكن سوى من الوصول إلى التقنيات المستخدمة العام الماضي.

وقد تؤدي القيود المفروضة على تصدير تكنولوجيا استخراج الليثيوم إلى تعقيد مشاريع يجري العمل عليها في الولايات المتحدة وأميركا الجنوبية. وأوضح شخص قريب من «CATL» أن المجموعة ستحتاج إلى التقدم للحصول على تراخيص تصدير لاستخدام التكنولوجيا الصينية في مشروع بقيمة 1.4 مليار دولار في بوليفيا لاستخراج الليثيوم من المسطحات الملحية في البلاد.

شاهد أيضاً: الطلب على "النفط الجديد" يتضاعف 3 مرات في 5 سنوات.. فما قصة الليثيوم؟

وفي هذا السياق، قالت آنا أشتون، مؤسسة شركة الاستشارات «Ashton Analytics» المتخصصة في الشأن الصيني، إن الشركات الصينية كانت رائدة في تطوير تقنيات استخراج ومعالجة محلول الليثيوم الغني من أعماق الأرض، مما جعل العديد من مشاريع التعدين الجديدة قابلة للتنفيذ.

وأضافت: «من المفارقات أن التعاقد مع الشركات الصينية هو حالياً الوسيلة الأكثر كفاءة لتشغيل مصادر الليثيوم المستخرج والمعالج خارج الصين».

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

أخبار ذات صلة

الأكثر قراءة

سوشيال

الأكثر قراءة

سياسة ملفات الارتباط

ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.