هل يمكن لأوروبا مصادرة الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا وكيف؟

نشرالجمعة، 7 مارس 2025 | 3:33 مساءً
آخر تحديث الأربعاء، 12 مارس 2025 | 3:57 مساءً

استمع للمقال
Play

اتفق زعماء أوروبيون خلال محادثات طارئة في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الخميس السادس من مارس/ آذار على زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي لدول التكتل مع إقرار خطة لإعادة التسليح بقيمة 800 مليار يورو، وسط حملة لتعزيز الدعم لأوكرانيا. 

يأتي ذلك بعد أن أدت عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيص إلى تغير الموقف الأميركي تماماً بشأن دعم أوكرانيا في حربها أمام روسيا، مما دفع الدول الأوروبية إلى النظر في خيارات أخرى لتعزيز الدعم العسكري لكييف

وفي ظل تصاعد التوتر بين أوروبا والولايات المتحدة، وقرار الرئيس الأميركي بوقف المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا وتبادل المعلومات الاستخباراتية، فإن الاستيلاء على الأصول الروسية بمنطقة اليورو يعد أحد الخيارات المطروحة لتعويض العجز الناتج عن وقف الدعم الأميركي لكييف.


اقرأ أيضاً: واشنطن تعلّق المساعدات العسكرية لأوكرانيا


ورغم عدم اتخاذ قرار بشأن هذه الأصول عندما اجتمع القادة الأوروبيون بشأن أوكرانيا يوم الخميس، فإن هذا الأمر يبقى مطروحاً خاصة في ظل رغبات لبعض الدول الأوروبية الرئيسية في حدوث ذلك.

في تصريحات سابقة الشهر الماضي، أشار وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى ضرورة انتقال أوروبا من مرحلة تجميد الأصول الروسية إلى مصادرتها. أيضاً قال مسؤول مطلع لمجلة بوليتيكو، يوم الأربعاء، إن أعضاء الحكومة الفرنسية ناقشوا بشكل خاص الاستيلاء على الأصول، بما في ذلك مع نظرائهم الألمان، واستخدامها المحتمل لضمان القروض لكييف.

تغير الموقف الأميركي

في الشهر الماضي، ألقى الرئيس الأميركي باللوم على أوكرانيا في التسبب باندلاع الحرب مع روسيا، ووصف ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ "الديكتاتور"، كما بدأ محادثات أحادية الجانب مع روسيا في السعودية، مما أثار استياء المسؤولين الأوكرانيين والأوروبيين الذين لم تتم دعوتهم للمشاركة.

تصاعدت تلك التوترات بشكل أكبر الأسبوع الماضي بعد مشادة حادة تم بثها على شاشات التلفزيون في المكتب البيضاوي بين ترامب ونائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس من ناحية وزيلينسكي من ناحية أخرى. وبحسب ما ورد أوقفت الولايات المتحدة منذ ذلك الحين الدعم العسكري لأوكرانيا أثناء إجراء تقييم للوضع.

لكن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، قال يوم الخميس، إنه يجري مباحثات مع أوكرانيا حول إطار عمل من أجل التوصل لاتفاق سلام لإنهاء الحرب مع روسيا، وإنه ينسق اجتماعاً مع مسؤولين أوكرانيين في السعودية، معرباً عن سعادته لما وصفه بـ "اعتذار" الرئيس الأوكراني عن المشادة التي وقعت في البيت الأبيض.

وكان زيلينسكي أعرب، في تصريحات خلال الأيام الماضية، عن أسفه لوقوع المشادة بينه وبين الرئيس الأميركي.


اقرأ أيضاً: مبعوث ترامب: ترتيب لمحادثات مع أوكرانيا في السعودية.. ومسرور لاعتذار زيلينسكي


فيما يلي أبرز المعلومات عن الأصول الروسية المجمدة في أوروبا والأغراض التي يمكن استخدامها فيها، وهل يمكن لأوروبا مصادرتها وكيف:

ما هي الأصول الروسية وأين توجد؟

يحتفظ البنك المركزي الروسي بمليارات الدولارات من الاحتياطيات الأجنبية. وتم تجميد ما يقرب من 300 مليار يورو (322 مليار دولار) من هذه الأصول في الغرب بعد اندلاع الحرب مع أوكرانيا في العام 2022. ويوجد حوالي 210 مليار يورو من هذه الأصول المجمدة في الاتحاد الأوروبي. ومعظمها محتفظ بها في بلجيكا، وخاصة من بنك Euroclear، والذي يتواجد به 183 مليار يورو، بحسب شبكة CNBC.

ومع وجود جزء كبير من أصول الدولة الروسية على الأراضي الأوروبية، فمن حق الدول الأوروبية تجميد هذه الأصول ومصادرتها أيضاً.

الأغراض التي يمكن استخدام تلك الأصول فيها

كان هناك الكثير من الجدل خلال الفترة التي مرت منذ اندلاع الحرب حول ما إذا كان يمكن استخدام هذه الأصول لدعم أوكرانيا. في يونيو/ حزيران 2024، وافقت مجموعة الدول السبع من حيث المبدأ على إصدار 50 مليار دولار في شكل قروض لأوكرانيا مدعومة بالأرباح الناتجة عن حوالي 300 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة.

ومنذ ذلك الحين، امتنعت الدول الأعضاء الأوروبية عن السعي إلى الاستيلاء الكامل على هذه الأصول بسبب المخاوف بشأن العواقب القانونية والاقتصادية. لكن التوترات الأخيرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد تجعل الأخير يبحث عن طرق تمكنه من مصادرة تلك الأصول مع الخروج من العوائق القانونية لذلك.


اقرأ أيضاً: مجموعة السبع تُقر إقراض أوكرانيا 50 مليار دولار من عائدات الأصول الروسية


المؤيدون والمعارضون في أوروبا لمصادرة الأصول الروسية

أعرب العديد من الشخصيات في الاتحاد الأوروبي عن دعمهم للمصادرة الكاملة لتلك الأصول، بما في ذلك رئيسة السياسة الخارجية كايا كالاس، ومفوض الاقتصاد فالديس دومبروفسكيس.

في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي في نهاية فبراير/ شباط، قالت كالاس إن العمل على التوصل إلى اتفاق بشأن مصادرة الأصول "مستمر".

وأضافت: "في نهاية المطاف، وخاصة في الوضع الذي نحن فيه الآن، نتوصل جميعاً إلى استنتاج مفاده أن دافعي الضرائب لدينا لا ينبغي أن يكونوا هم من يدفعون ثمن هذا. يجب أن يأتي ذلك من البلد الذي يدمر أوكرانيا، وهو روسيا".

وفي نهاية الشهر الماضي أيضاً، قال وزير الخارجية البريطاني للبرلمان البريطاني إن "أوروبا يجب أن تتحرك بسرعة، وأعتقد أنه يجب علينا الانتقال من تجميد الأصول إلى مصادرة الأصول". كما أعربت إستونيا وبولندا عن دعمهما لمصادرة الأصول.

في بيان نُشر في وقت سابق من هذا الأسبوع، بعد تقارير عن سحب الولايات المتحدة للمساعدات العسكرية، دفع وزير خارجية إستونيا أوروبا إلى تكثيف الجهود: "إن الادعاءات بعدم وجود طرق قانونية لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لا أساس لها من الصحة". 

وأضاف: "في الأسبوع الماضي، شاركت مسودة ورقة مع شركائنا الأوروبيين، تقدم حلاً واضحاً لاستخدام الأصول المجمدة. قبل الموعد النهائي في يونيو/ حزيران لتمديد العقوبات المفروضة على روسيا، يجب اتخاذ قرار سياسي بشأن استخدام الأصول المجمدة".

وقال الزميل البارز في شؤون روسيا وأوراسيا بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، نايجل غولد ديفيز، لشبكة CNBC: "العديد من دول أوروبا الوسطى متعاطفة مع قضية المصادرة، رغم أنها مترددة في الكشف عن ذلك علناً في غياب موقف مشترك للاتحاد الأوروبي".

ومع ذلك، فإن العديد من الدول تشعر بالقلق، وأشار بشكل خاص إلى ألمانيا وفرنسا باعتبارهما "الممانعتين الرئيسيتين". لكن ذلك قد يتغير في الأيام الحالية مع الأنباء الواردة عن انفتاح كلا البلدين على مناقشة مصادرة الأصول، بحسب ما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، وأيضاً مجلة بوليتيكو الفرنسية.



هل يمكن مصادرة هذه الأصول وكيف؟

من الناحية النظرية، يمكن لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة الموافقة بالإجماع على مصادرة الأصول الروسية و"إلزام بلجيكا بمصادرة الأصول"، بحسبما قاله أستاذ القانون والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي بجامعة HEC في باريس، أرمين شتاينباخ، لشبكة CNBC.

وذكر شتاينباخ أن الخيار الآخر هو أن تسعى بلجيكا بشكل منفصل إلى مصادرة الأصول إذا انتهت عقوبات الاتحاد الأوروبي دون تجديدها. ومع ذلك، يبدو من غير المرجح أن تفعل بلجيكا ذلك، حيث ورد أنها حذرت من المخاطر القانونية والاقتصادية التي يفرضها الاستيلاء على الأصول على منطقة اليورو.

وأضاف شتاينباخ أنه "من الضروري أخلاقياً ولكن من الصعب قانونياً" أن تستولي أوروبا على الأصول الروسية، لأن أوروبا تقتصر على اتخاذ تدابير مضادة ضد انتهاكات روسيا للقانون الدولي، والتي يجب أن تكون "مؤقتة" و"قابلة لعكسها"، وفقاً للقانون الدولي.

ومع ذلك، "في الوقت نفسه، لدى أوكرانيا مطالبة ضد روسيا لدفع التكاليف الناتجة عن الحرب. والسؤال هو ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادراً على تنفيذ هذه المطالبة لصالح أوكرانيا من خلال مصادرة الأصول الروسية"، وفقاً لما قاله أستاذ القانون والاقتصاد.

وأشار شتاينباخ إلى "اقتراح إبداعي" حيث تنقل أوكرانيا "مطالبتها بالتعويض عن الأضرار ضد روسيا إلى مجموعة الدول السبع" التي ستنفذ هذه المطالبة لكييف من خلال "المقاصة" مقابل الأصول الروسية. 

وقال إن "مثل هذا النقل لم يحدث من قبل بموجب القانون الدولي"، وأن مسألة حماية الحصانة للأصول السيادية لا تزال قائمة أيضاً.

من جانبه، ذكر نايجل غولد ديفيز أن الدراسات المكثفة التي أجراها محامون دوليون أثبتت أن "هناك مساراً قانونياً آمناً" للمصادرة، وإن المخاوف من العواقب الاقتصادية مبالغ فيها.

وقال ديفيز: "عندما تم تجميد الأصول لأول مرة - في اللحظة التي فقدت فيها روسيا القدرة على الوصول إليها - لم يكن هناك أي تأثير سلبي على الاستقرار الاقتصادي أو المالي الأوروبي. لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الأسواق، أو الدول الدائنة الفردية، ستتخذ أي إجراء إذا فقدت روسيا هذه الأصول بشكل دائم ورسمي".



ماذا يحدث في الوقت الحالي؟

مع استمرار المحادثات لإنهاء الحرب، وعدم وجود وضوح حالي بشأن النتيجة المحتملة، لا تزال أوروبا تدرس ما إذا كان الاستيلاء على الأصول الروسية لمساعدة أوكرانيا قد يسمح بشراء أسلحة إضافية لها، أو ما إذا كانت مثل هذه الأموال يمكن أن تساعد في إعادة بناء البلاد.

وقال المستثمر المخضرم والاستراتيجي بشركة Quantum Strategy، ديفيد روش، إنه كجزء من مناقشاتها مع الولايات المتحدة، ستطالب روسيا برفع التجميد عن الأصول وإعادتها للمساعدة في تعزيز اقتصادها.

وأضاف روش لشبكة CNBC أواخر الشهر الماضي: "لا شك أن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يريد (استرجاعهم)"، وذكر أن بوتين سيسعى إلى عقد صفقة مع ترامب، ما قد يضغط على أوروبا لرفع التجميد عن الأصول المتواجدة على الأراضي الأوروبية.


اقرأ أيضاً: ترامب: أوروبا أنفقت على النفط والغاز الروسيين أكثر مما أنفقته على أوكرانيا


من جانبها، ذكرت روسيا في وقت سابق أنها سترد إذا تم الاستيلاء على أصولها.

وقال غولد ديفيز إن سحب الدعم الأميركي والحاجة الأوروبية الملحة لزيادة الإنفاق الدفاعي "يجعل الاستيلاء على الأصول الروسية أمراً منطقياً وملحاً".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

أخبار ذات صلة

الأكثر قراءة

الأكثر قراءة

سياسة ملفات الارتباط

ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.