مخاوف من تداعيات السياسات التجارية.. هل يتجه الاقتصاد الأميركي نحو الركود؟

نشرالجمعة، 14 مارس 2025 | 3:43 مساءً
آخر تحديث الجمعة، 14 مارس 2025 | 4:06 مساءً
علم الولايات المتحدة - مصدر الصورة: AFP

استمع للمقال
Play

ارتفعت المخاوف خلال الأيام والأسابيع الأخيرة بشأن احتمالية تعرض الاقتصاد الأميركي للركود خاصة مع صدور بعض المؤشرات التي أثارت القلق بشأن صحة الاقتصاد الأميركي، إلى جانب تراجع أسواق الأسهم في ظل سياسة إدارة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب التجارية وإجراءات فرض الرسوم الجمركية.

وفي ظل تحذير اقتصاديين من تزايد احتمالية الركود بسبب الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها البيت الأبيض، بدا ترامب - الذي لا يستبعد الركود - وكبار مستشاريه متفائلين ببوادر ازدهار اقتصادي.

وقال ترامب لقناة Fox News، إنه يكره "التنبؤ بمثل هذه الأمور". وأضاف: "هناك فترة انتقالية لأن ما نقوم به ضخم للغاية. نحن نعيد الثروة إلى أميركا. هذا أمر بالغ الأهمية. ودائماً ما تكون هناك فترات، الأمر يستغرق بعض الوقت. يستغرق بعض الوقت، لكنني أعتقد أنه سيكون رائعاً بالنسبة لنا".

لكنه عاد في تصريحات يوم الثلاثاء إلى استبعاد حدوث أي ركود في الاقتصاد الأميركي "على الإطلاق".

يتجه مؤشرا S&P 500 وNasdaq إلى الأسبوع السلبي الرابع على التوالي بينما يتجه Dow Jones نحو ثاني أسبوع خاسر على التوالي، مع توقعات الخبراء باحتمال تباطؤ الاقتصاد في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وهو تحوّل ملحوظ بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من النمو القوي، وفقاً لبحثٍ أجراه بنك جي بي مورغان J.P. Morgan يوم الجمعة الماضي. 

كما حذر بعض الاقتصاديين من أن مجرد الإشارة إلى الركود قد تكون كافية لدفع الشركات والأسر إلى إعادة النظر في إنفاقها، مما قد يُعجل من حدوث تباطؤ اقتصادي، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأميركية.



ما هو الركود الاقتصادي؟

يُعرف الركود الاقتصادي عادةً بأنه ربعان متتاليان من النمو السلبي للناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، فإن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) في الولايات المتحدة، وهو الجهة الرسمية التي تعلن عن الركود، ينظر في مؤشرات أخرى، مثل معدلات التوظيف، والاستثمار التجاري، والإنفاق الاستهلاكي، لتحديد ما إذا كان الركود واسع النطاق ومستداماً.

وعلى عكس انهيارات سوق الأسهم، لا يتم الإعلان عن الركود في الوقت الفعلي، حيث يعلن المكتب حكمه بأثر رجعي، وغالباً بعد شهور من بدء التباطؤ الفعلي.

وخلال فترة الركود عادة ما تخفض الشركات إنفاقها واستثماراتها، وتقلص التوظيف، وتسرح العمال، مما يحدث تأثيراً متتالياً يؤثر على الوظائف، والأجور، وإنفاق المستهلكين، وفرص الحصول على الائتمان، وفقاً لشبكة CNBC.

ما هي العلامات الاقتصادية للركود؟

من المرجح أن تكون العلامات التحذيرية للركود - والتي قد تشمل ارتفاعاً في فقدان الوظائف، وتوقف نمو الأجور، وانخفاض إنفاق المستهلكين - واضحة مسبقاً. 

وتقول كبيرة الاقتصاديين بشركة New Century Advisors، كلوديا سهام، إن سوق العمل قد يكون مؤشراً مبكراً على ركود اقتصادي وشيك. وأضافت أن معدل البطالة ليس أول ما يتأثر، ولكن بمجرد أن يبدأ في الارتفاع، "يميل إلى الاستمرار (في الزيادة)"، بحسب واشنطن بوست.

حتى الآن، تباطأ سوق العمل في الولايات المتحدة قليلاً، لكنه لا يزال قوياً، حيث ارتفع معدل البطالة 4.1% بمعدل 0.1 نقطة مئوية على أساس شهري، وفقاً لتقرير الوظائف لشهر فبراير/ شباط. ومع ذلك، لم تتضمن أحدث البيانات جميع آثار برنامج وزارة كفاءة الحكومة بقيادة إيلون ماسك لخفض القوى العاملة الفدرالية.



هل تتجه الولايات المتحدة نحو ركود اقتصادي؟

لا يزال الاقتصاديون غير متأكدين مما إذا كانت الولايات المتحدة تتجه نحو ركود اقتصادي. لكنهم يحذرون من أن خطر حدوث ذلك ربما يكون أعلى مما كان يُعتقد في وقت سابق، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى السياسات الجديدة لإدارة ترامب.

وقال رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في Wells Fargo، مايك شوماخر: "ينظر الناس إلى الرسوم الجمركية قائلين: 'إذا عدنا إلى كتب التاريخ الاقتصادي، فإن الرسوم الجمركية لم تكن رائعة من حيث تعزيز النمو'". وأضاف: "زادت احتمالية حدوث ركود اقتصادي- (لكن ذلك) ليس أمراً حتمياً أو حتى بنسبة 50%، ولكن أياً كان توقعك قبل بضعة أسابيع، فهو بالتأكيد أعلى الآن".

رفع بنك غولدمان ساكس Goldman Sachs احتمالية حدوث ركود خلال 12 شهراً من 15% إلى 20% يوم الجمعة، مشيراً إلى أنه يرى أن "تغييرات السياسة هي الخطر الرئيسي".

وذكرت توقعات اقتصادية من Goldman Sachs: "لدى البيت الأبيض خيار التراجع إذا بدأت المخاطر السلبية تبدو أكثر جدية".

وأضافت: "إذا سارت السياسة في اتجاه سيناريو المخاطر الذي نتوقعه، أو إذا ظل البيت الأبيض ملتزماً بسياساته رغم ظهور بيانات أسوأ بكثير، فسيرتفع خطر الركود أكثر".

وأشار تحليل J.P. Morgan إلى أن التغييرات المتكررة التي يجريها ترامب على السياسة التجارية "تجعل توقع النمو والتضخم هذا العام مهمة شاقة للغاية".


اقرأ أيضاً: الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بنسبة 0.1% في يناير


متى كان آخر ركود اقتصادي في الولايات المتحدة؟ وكم استمر؟

يبلغ متوسط ​​مدة الركود الاقتصادي في العصر الحديث 11 شهراً، وفقاً لبيانات المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية.

كان آخر ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، والذي كان أيضاً الأقصر في تاريخها، هو التباطؤ الاقتصادي في شهري مارس/ آذار، وأبريل/ نيسان 2020 خلال جائحة فيروس كورونا. ولم يُعلن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أنه ركود حتى يوليو/ تموز 2021.

قبل ذلك، استمر الركود الكبير (2007-2009) لمدة 18 شهراً. ويعتبر أسوأ كارثة اقتصادية أميركية منذ الكساد الكبير.

هل يمكن أن تتسبب الرسوم الجمركية في الركود؟

قد يكون للرسوم الجمركية التي اقترحها ترامب تأثير كبير على الاقتصاد، اعتماداً على مدتها وأي رد فعل انتقامي محتمل من الشركاء التجاريين، وفقًا لخبراء اقتصاديين من بنك بي إن بي باريبا BNP Paribas.

وكتب بنك BNP Paribas في تحليل يوم الخميس: "في حالة اندلاع حرب تجارية غير منضبطة، فمن المحتمل حدوث انخفاض حاد في معنويات الأعمال، وإذا كان (هذا الانخفاض) كبيراً بما يكفي، فقد يؤدي ذلك إلى ركود اقتصادي".

حذر بنك BNP Paribas من أن ارتفاع الرسوم الجمركية يعني زيادة تكلفتها الاقتصادية. وأوضح البنك أن هذا التأثير سينعكس على الأرجح على المستهلك الأميركي العادي. ومن المتوقع أن تُكلّف الرسوم الجمركية الأخيرة الأسرة الأميركية النموذجية أكثر من 1200 دولار سنوياً، بحسب معهد بيترسون للاقتصاد الدولي.

حتى لو كانت الرسوم مؤقتة، فإن مجرد استخدامها كأداة تفاوضية سيُثير حالة من عدم اليقين في قرارات التوظيف أو الاستثمار التي تتخذها الشركات.


شاهد أيضاً: مؤشر الركود المفضل لدى الفدرالي ينذر بالخطر!


كيف يؤثر الركود الاقتصادي على الأفراد؟

عادةً ما يرتبط الركود الاقتصادي بفقدان وظائف واسع النطاق، مما يُثير مشاكل مالية قد تؤدي إلى إخلاء السكن أو حجز البنوك عليه لعدم القدرة على السداد.

أيضاً يلحق سوق العمل المتقلص في فترات الركود الاقتصادي الضرر بمن يحتفظون بوظائفهم، مما يصعب عليهم العثور على وظيفة جديدة أو الحصول على زيادة في الأجور. غالباً ما يشعر الشباب الذين يدخلون سوق العمل خلال فترة الركود الاقتصادي بأنهم لا يستطيعون تحمل اختيار وظائفهم بعناية، ويقبل الكثيرون منهم بأجور ابتدائية منخفضة قد تُعيق دخلهم لسنوات قادمة.

وبالتالي تعد فترات الركود الاقتصادي سيئة لأن الناس يعانون مالياً، بحسب ما قالته كلوديا سهام لصحيفة واشنطن بوست في العام 2022. وأضافت: "إنها ضربة موجعة، وتؤثر على الجميع".


اقرأ أيضاً: بنك Goldman Sachs: التخفيضات الكبيرة للفائدة قد تجنب الاقتصاد الأميركي سيناريو الركود


ماذا يفعل الأفراد لحماية أموالهم قبل الركود؟

يقول اقتصاديون ومستشارون ماليون إن الخطوة الحكيمة غالباً ما تتمثل في تقليص الإنفاق ومحاولة توفير المال. ومع ذلك، فإن القيام بذلك قد يُعجل من حدوث الركود لأنه يخرج المال من الاقتصاد.

وقالت أستاذة الاقتصاد بجامعة جورج واشنطن،  تارا سنكلير، خلال العام 2022: "عندما لا ينفقون، فإنهم لا يحققون دخلاً للآخرين".

في العام 2022 أيضاً، قدمت كاتبة عمود التمويل الشخصي بصحيفة واشنطن بوست، ميشيل سينجليتاري، سبع نصائح للاستعداد للركود من بينها: سداد ديون بطاقات الائتمان، وزيادة المدخرات، والبحث عن خيارات منخفضة التقلبات مثل السندات، وعدم الذعر.

وقالت: "ما لا يجب عليك فعله هو اتخاذ خطوات بناءً على المخاوف التي يمكن أن تضعك في وضع أسوأ مالياً".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

أخبار ذات صلة

الأكثر قراءة

الأكثر قراءة

سياسة ملفات الارتباط

ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.