أثار فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية مخاوف بشأن ارتفاع الأسعار، مما دفع الاستراتيجيين إلى إعادة النظر في توقعات عوائد السندات العالمية والعملات.
يُعتقد على نطاق واسع أن وعود الرئيس المنتخب بتطبيق تخفيضات ضريبية وفرض تعريفات جمركية مرتفعة قد تعزز النمو الاقتصادي، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى توسيع العجز المالي وزيادة التضخم.
ينظر إلى عودة ترامب إلى البيت الأبيض على أنها قد تعطل دورة خفض أسعار الفائدة التي يعتمدها الاحتياطي الفدرالي، مما قد يحافظ على توجه تصاعدي لعوائد سندات الخزانة. عادةً ما ترتفع عوائد السندات عندما يتوقع المشاركون في السوق ارتفاع الأسعار أو زيادة العجز في الموازنة.
قال أليم ريمتولا، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية في EFG International، أن مواصلة الاحتياطي الفدرالي لخطط التيسير النقدي أثناء ارتفاع العوائد سيكون «غير مستدام».
وقال ريمتولا عبر البريد الإلكتروني لـCNBC: «في النهاية، سيضطر الاحتياطي الفدرالي إلى إيقاف خفض أسعار الفائدة إذا لم تعد المخاطر الاقتصادية تشير إلى ركود، أو ستنهار العوائد مع اقتراب الركود».
وأضاف: «انتخاب ترامب يعزز كلا الاحتمالين، حيث تعمل كل من الحرب التجارية وزيادة الإنفاق المالي في اتجاهين متعارضين».
سندات الخزانة الأميركية
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات بشكل حاد منذ فوز ترامب على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في أوائل نوفمبر تشرين الثاني، قبل أن تتراجع قليلاً في الأيام الأخيرة.
تداولت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بارتفاع تجاوز 3 نقاط أساس لتصل إلى 4.4158% صباح الأربعاء. يُذكر أن العوائد والأسعار تتحرك في اتجاهين متعاكسين، وأن نقطة الأساس تساوي 0.01%.
اقرأ أيضاً: حيازة الأجانب من سندات الخزانة الأميركية عند مستوى قياسي جديد
قالت شانون كيروين، المديرة المساعدة لتصنيفات الدخل الثابت في شركة Morningstar، إن شريحة كبيرة من المستثمرين تأمل في أن تصمد السندات الأوروبية «بشكل جيد نسبياً» خلال السنوات المقبلة، في حين من المتوقع أن يضعف اليورو.
وأضافت كيروين في تصريح لـCNBC عبر البريد الإلكتروني: «حتى قبل الانتخابات الأميركية، كان الإجماع بين مديري صناديق السندات الذين تحدثت معهم هو أن سوق السندات الأوروبية يقدم قيمة أكثر جاذبية مقارنة بالسوق الأميركية».
وأوضحت: «نتيجة لذلك، قام العديد من المديرين بالفعل بتعديل محافظهم الاستثمارية لتكون مائلة بشكل طفيف نحو الائتمان الأوروبي والابتعاد عن السندات الأميركية للشركات».
تعرفات ترامب الجمركية
في محاولة لزيادة الإيرادات الأميركية، اقترح دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 20% على جميع السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، مع فرض رسوم تصل إلى 60% على المنتجات الصينية، وأخرى تصل إلى 2000% على السيارات المُصنّعة في المكسيك.
أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد صرّح ترامب بأن التكتل المكوّن من 27 دولة «سيدفع ثمناً باهظاً» لعدم شرائه ما يكفي من الصادرات الأميركية.
وأضافت شانون كيروين: «نسمع من مديري الاستثمارات في كلا السوقين أنهم يفضلون الاحتفاظ ببعض السيولة الاحتياطية، على سبيل المثال، من خلال التوجه نحو أصول ذات جودة أعلى أو زيادة نسبة النقد في محافظهم أكثر من المعتاد، ليكونوا قادرين على الاستفادة من أي تقلبات محتملة في المستقبل».
ماذا عن آسيا؟
قال سمير غويل، رئيس قسم أبحاث الأسواق الناشئة العالمية في دويتشه بنك، لبرنامج "Street Signs Asia" على قناة CNBC يوم الثلاثاء، إن المخاطر المتزايدة لارتفاع التضخم في الولايات المتحدة تحت رئاسة ترامب الثانية لم يتم احتسابها بالكامل بعد.
وعند سؤاله عن تأثير ولاية ترامب الثانية على اقتصادات آسيا وعملاتها الإقليمية، أوضح غويل أن ذلك قد يؤدي إلى توسيع فجوات التضخم بين الولايات المتحدة وآسيا، مما قد يتسبب في مزيد من ضعف العملات الإقليمية.
ذكر محللون في بنك MUFG أن المستثمرين لم يأخذوا في الحسبان بالكامل بعد حجم الرسوم الجمركية الأميركية المحتملة على الصين ودول أخرى. وأوضحوا في مذكرة بحثية صادرة في 7 نوفمبر تشرين الثاني أن فرض رسوم جمركية بنسبة 60% على المنتجات الصينية قد يتطلب خفض قيمة اليوان الصيني أمام الدولار الأميركي بنسبة تتراوح بين 10% و12%.
اقرأ أيضاً: مستشار صيني يحذر: صناعة الدفاع الأميركية ستتضرر حال فرض ترامب رسوم جمركية
وحذر المحللون من أن احتمالات الرد بالمثل على الرسوم الجمركية قد تزيد الأمور سوءاً، كما أن هناك خطراً يتمثل في أن تقوم دول أخرى برفع الرسوم على المنتجات الصينية.
وأشاروا إلى أن العملات الآسيوية التي لها ارتباط وثيق بالاقتصاد الصيني، مثل الدولار السنغافوري والرينغيت الماليزي والوون الكوري الجنوبي، قد تكون أكثر عرضة للتأثر برسوم ترامب الجمركية.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي