أصدرت القمة الثلاثية العاشرة بين مصر وقبرص واليونان إعلاناً مشتركاً بعد عقد فعاليات القمة في العاصمة المصرية القاهرة يوم الأربعاء الثامن من يناير/ كانون الثاني.
وأكدت القمة، التي شارك فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، "على التزامها القوى بقيم السلام والاستقرار والتعاون التي تحدد شراكتها الثلاثية".
وذكر الإعلان المشترك أن عقد هذه القمة يعكس الحرص المستمر والتزام المشاركين بالتضامن المتبادل في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، معتمدين على الشراكة الاستراتيجية المبنية على مبادئ الثقة والاحترام والتعاون بين الدول الثلاث.
وتضمن الإعلان المشترك ما اتفق عليه قادة الدول الثلاثة في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وأمن الطاقة والمياه، وحماية البيئة، وغيرها من المجالات والتي شملت الآتي:
أولاً: الاستقرار والأمن الإقليمي
الالتزام بالسلام الإقليمي وحل النزاعات
حرب غزة
أكدت القمة التزامها الجماعي بتعزيز السلام والاستقرار في المتوسط والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متوقعة من جميع الأطراف المساهمة في الاستقرار والامتناع عن الأعمال الاستفزازية. وعبرت عن قلقها العميق بشأن الحرب في غزة التي تسببت في وضع "إنساني كارثي"، مكررة الدعوة لتنفيذ القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك وقف فورى وكامل وشامل لإطلاق النار، مع إطلاق سراح المحتجزين في غزة والمعتقلين والسجناء الفلسطينيين، وتوزيع المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفعال على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة لجميع المدنيين الفلسطينيين.
اقرأ أيضاً: ترامب يتوعد: إذا لم يعد المحتجزين في غزة قبل تنصيبي "فستنفتح أبواب الجحيم"
كما دعت القمة المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة الرئيسيين لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال التزامهم بحل الدولتين، وخاصة من خلال إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967، مؤكدين على رؤية دولتين، إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
سوريا
قال الإعلان: "تتابع مصر وقبرص واليونان التطورات الأخيرة في سوريا، وتؤكد على أن هذه المرحلة الدقيقة في تاريخ سوريا تتطلب جهوداً متضافرة من شعبها من أجل إطلاق عملية سياسية شاملة تحت ملكية وطنية سورية، بدون تدخل أجنبي، تشمل جميع الأحزاب الوطنية السورية، وتتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".
كما أعربت القمة عن قلقها "بشدة من الانتهاك المنهجي لسيادة سوريا". وشددت على ضرورة احترام وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها ضمن حدود آمنة، وفقاً للقانون الدولي، كما أكدت أهمية حماية أعضاء الأقليات الدينية والعرقية، والحفاظ على التراث الثقافي لسوريا.
اقرأ أيضاً: سوريا ترحب بتخفيف العقوبات الأميركية وتطالب برفع كامل لها
ليبيا
فيما يتعلق بليبيا، رحبت القمة بالتزامات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) نحو إعادة توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية الليبية. وأكدت ضرورة إحراز تقدم في المسارات السياسية والأمنية، بما في ذلك الانسحاب الكامل لجميع القوات الأجنبية والمرتزقة. وأعادت التأكيد على ضرورة وجود حكومة وطنية موحدة جديدة وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في آن واحد، في إطار عملية سياسية شاملة مملوكة ومدارة من قبل الليبيين.
السودان
أكدت القمة الرؤية المشتركة للدول الثلاثة لإنهاء النزاع في السودان، من خلال تحقيق وقف إطلاق نار شامل ودائم وفوري على مستوى البلاد، يليه استئناف لعملية انتقالية مملوكة ومدارة من السودانيين، بالإضافة إلى ضمان نفاذ إنساني غير مقيد، وتوصيل المساعدات المنقذة للحياة لجميع السودانيين، مع احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه، والحفاظ على مؤسسات الدولة.
وأثنت القمة على التعاون الإقليمي والدولي لمعالجة التحديات المعقدة التي تواجه السودان والمنطقة الأوسع، من أجل تجنب انتشار التهديدات الأمنية إلى البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وكذلك لمنع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، داعية المجتمع الدولي لدعم السودان وأصحاب المصلحة المعنيين في مساعيهم لضمان النفاذ الإنساني، وتقديم المساعدة الإنسانية، والوفاء بتعهداتهم التي تم الإعلان عنها في مؤتمري المانحين في جنيف وباريس.
القضية القبرصية
قال الإعلان: "اعترافاً بأن تسوية شاملة وقابلة للتنفيذ للقضية القبرصية ستساهم في السلام والاستقرار في منطقتنا، نؤكد دعمنا لاستئناف عملية بملكية وإدارة قبرصية، لتعيد توحيد قبرص كاتحاد فدرالي ثنائي المناطق وثنائي الطائفة بسيادة واحدة وشخصية دولية واحدة ومواطنة واحدة، وفقاً للقرارات ذات الصلة لمجلس الأمن الدولي.
وأضافت: "نرحب بجهود الأمين العام للأمم المتحدة لاستئناف عملية التفاوض، بما في ذلك مبادرته لدعوة القادة إلى نيويورك في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، ونتطلع إلى تنفيذ الخطوات المتفق عليها".
اقرأ أيضاً: قبرص تطلب من Chevron الأميركية تحسين خططها لاستخراج الغاز من حقل بحري
الأمن البحرى والقانون الدولي
أعادت القمة التأكيد على أهمية ضمان أمن واستقرار المجال البحري في شرق المتوسط والمنطقة الأوسع. وشددت على أهمية احترام سيادة وحقوق السيادة لجميع الدول في مناطقهم البحرية، وإعادة التأكيد على أن أي اتفاقيات أو مذكرات تفاهم بشأن تحديد الولاية البحرية "يجب أن تُبرم وفقاً للقانون الدولي، بما في ذلك معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار، وكذلك المبادئ المتفق عليها بشكل مشترك في سياقنا الثلاثي، وعدم التعدي على حقوق السيادة للدول الثالثة بالمنطقة".
مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي
وذكر الإعلان أنه اعترافاً بالتهديدات الأمنية المتطورة، "نعزز التزامنا بمكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة. ولمواجهة شبكات الاتجار بالبشر، سنواصل التعاون في تبادل المعلومات الاستخباراتية وأمن الحدود ومبادرات مكافحة الإرهاب لحماية شعوبنا والحفاظ على استقرار منطقتنا".
ثانياً: التعاون الإقليمي والحوار السياسي
تعزيز التعاون الثلاثي
أعادت القمة التأكيد على التزامها بمواصلة تعزيز آلية التعاون الثلاثي كمنصة لتعظيم التعاون، وبناء علاقات حسن الجوار، ولمعالجة التحديات المشتركة التي تواجه البلدان الثلاثة سيتم الاستمرار في عقد اجتماعات منتظمة لتنسيق الجهود، ولتعزيز الحوار الدبلوماسي، والعمل على ضمان توافق السياسات الخارجية للدول الثلاثة في إطار الأهداف المشتركة. وأعادت التأكيد على الالتزام بالتفعيل الكامل لأمانة دائمة لآلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، ومقرها في نيقوسيا.
التفاعل مع الشركاء الإقليميين والدوليين
أكدت القمة على توسيع التعاون الثلاثي لدولها مع الشركاء الإقليميين والدوليين لمعالجة التحديات العالمية ولتعزيز الاستقرار. كما ستواصل القمة دعم المؤسسات المتعددة الأطراف والعمل معاً للدفاع عن نظام دولي قائم على القواعد، وفى هذا الصدد، ستدعم القمة بقوة اليونان خلال عضويتها بمجلس الأمن الدولي في العامين 2025 و2026، والتي ستكون أساسية لتحقيق تلك الأهداف، بحسب الإعلان.
الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي
رحبت القمة بترفيع العلاقات المصرية الأوروبية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة، طبقاً لما تم الاتفاق عليه في 17 مارس/ آذار 2024 في القاهرة. كما أكدت على أهمية دعم اقتصاد مصر من خلال حزمة الدعم المالي والاستثماري التي رافقت الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين جمهورية مصر العربية والاتحاد الأوروبي، ولتوقيع مذكرة التفاهم بشأن الشريحة الثانية من المساعدة المالية الكلية.
اقرأ أيضاً: اقتصاد مصر 2025.. نمو إيجابي متوقع وسط تحديات مالية وجيوسياسية
ثالثاً: التعاون الاقتصادي وأمن الطاقة
تعزيز الروابط الاقتصادية
أقرت القمة بأهمية التعاون الاقتصادي في تعزيز رفاهية شعوب الدول المشاركة، وازدهار الإقليم. وأعلنت مواصلة تعزيز التجارة والاستثمار بين الدول الثلاثة، واستكشاف فرص التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا والبنية التحتية والتنمية المستدامة. كما سيتم التركيز على ربط مجتمعات الأعمال في الدول الثلاث، لاسيما من خلال المنصات على مستوى الأعمال والمنتديات الاقتصادية، وتعزيز الشراكات بين غرف التجارة والجمعيات والمجالس التجارية المشتركة، بحسب الإعلان.
التعاون في مجال الطاقة والانتقال إلى الطاقة الخضراء
أشارت القمة إلى عملها على توسيع الجهود لضمان أمن الطاقة من خلال المشروعات المشتركة واستكشاف الطاقة في المتوسط. وأعلنت التزامها بتعزيز الشراكة بين الدول الثلاثة في قطاع الطاقة، بما في ذلك في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء.
التعاون في مجال الغاز الطبيعي
أكدت القمة التزامها بتعزيز التعاون الثلاثي في مجال الغاز الطبيعي، لتحقيق المصالح المشتركة للدول الثلاث. وأكدت أهمية تعزيز التعاون لتطوير البنية التحتية اللازمة لتسهيل نقل الغاز الطبيعي بين هذه الدول، ولتشجيع الاستثمارات المشتركة في مجال الغاز الطبيعي. كما أكدت التزام الدول الثلاثة بتبادل الخبرات لضمان الاستغلال الأمثل لموارد الغاز الطبيعي، بما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي لشعوب تلك الدول.
وأشارت إلى أن إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط يستند إلى المبدأ الأساسي المتمثل في احترام حقوق الأعضاء على مواردهم الطبيعية، وذلك وفقاً للقانون الدولي. وذكرت أن المنتدى سيساند جهود الأعضاء في تحقيق الاستفادة الكاملة لموارد الغاز في المنطقة واستثمار احتياطياتهم وفقًا للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
اقرأ أيضاً: اليونان وإسرائيل توقعان اتفاقاً لدعم مشروعات الطاقة في شرق البحر المتوسط
كما أكدت أن منتدى غاز شرق المتوسط كمنظمة إقليمية مقرها في القاهرة مفتوح لعضوية جميع الدول التي تشارك ذات القيم والأهداف وترغب في التعاون من أجل أمن المنطقة بأكملها ورفاهية شعوبها.
التعاون في مجال الموارد البحرية للطاقة
وقالت القمة إن مواصلة تعزيز التعاون في استكشاف وتطوير موارد الغاز الطبيعي في شرق المتوسط وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار، وكذلك المبادئ المتفق عليها بشكل مشترك في السياق الثلاثي، وعدم التعدي على حقوق السيادة للدول الثلاثة بالمنطقة، مع اتخاذ إجراءات قوية لحماية النظم البيئية البحرية والبيئة البحرية سيساعد الالتزام المشترك للدول الثلاثة بتنويع الطاقة واستدامتها في دفع الاستثمارات والمشروعات الجديدة في المنطقة، بما يعود بالفائدة على تلك الدول والأسواق الإقليمية للطاقة.
رابعاً: الاستدامة البيئية وأمن المياه
حماية البيئة والعمل المناخي
قالت القمة إنه "إدراكاً للتحديات البيئية المترابطة والتي تواجه منطقة المتوسط، بما في ذلك تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث، واستنزاف الموارد الطبيعية ومصائد الأسماك، نؤكد التزامنا العميق بالعمل على معالجة التحديات البيئية العاجلة، مع التركيز بشكل خاص على الأولويات البيئية والمناخية لمنطقة شرق المتوسط".
وأضافت: "نظراً لقلقنا العميق من أن المتوسط معرض بشدة لتأثيرات تغير المناخ المتزايدة، ومواجهته لزيادة وتيرة الظروف الجوية الحادة، سنسعى لتعزيز جهود التكيف مع المناخ، من خلال تطوير حلول تقنية ومالية، وباستثمار الموارد لضمان الاستدامة البيئية، وتعزيز صمود البنية التحتية الحيوية، مع التركيز على بناء القدرات".
كما أكدت القمة الحاجة إلى حلول مبتكرة للطاقة المتجددة، وتشجيع تطوير التكنولوجيا الخضراء ومنخفضة الكربون، وكذلك نقل المعرفة والتكنولوجيا للمساعدة في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ولمواجهة المخاطر البيئية والمناخية التي تواجه المنطقة، بحسب الإعلان.
أمن المياه وإدارتها
ذكرت القمة أنه اعترافاً بأهمية أمن المياه، سيتم تكثيف التعاون في إدارة الموارد المائية المستدامة، والزراعة المستدامة، ومعالجة آثار ندرة المياه. كما ستتشارك الدول الثلاثة المعرفة وأفضل الممارسات لضمان حماية مواردها المائية والاستخدام المستدام للمياه.
وقالت: "إدراكاً لاعتماد مصر على نهر النيل في سياق ندرة المياه الشديدة، يدعم رئيس قبرص ورئيس وزراء اليونان التزام مصر بالتوصل إلى حل عادل ومتوازن لأزمة السد الإثيوبي، وهو نزاع استمر لأكثر من 13 عاماً".
اقرأ أيضاً: مصر تلجأ لمجلس الأمن من جديد.. ما آخر تطورات أزمة سد النهضة الإثيوبي؟
وأضافت القمة: "نؤكد على ضرورة التعاون عبر الحدود، استناداً إلى حلول تحقق المكاسب للجميع، ووفقاً للمبادئ القانونية الدولية المعمول بها، لاسيما مبدأ عدم التسبب في ضرر بالغ، ومبدأ الاستخدام العادل والمعقول، ومبدأ التعاون ومبدأ الإخطار المسبق والتشاور، أخذاً في الاعتبار البيان الرئاسي لمجلس الأمن لعام 2021 ذي الصلة، فإننا نؤكد على الحاجة للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل السد".
مجالات أخرى
تضمن الإعلان الاتفاق على تعزيز التعاون في عدد من المجالات الأخرى أيضاً ومنها التعاون الثقافى فى إطار مبادرة "إحياء الجذور-نوستوس"، والتعاون في مجال الرعاية الصحية، والسياحة، وعلم الآثار وعلوم المتاحف، والشباب والرياضة.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي